نبيًا مثلي

نبيًا مثلي

كثيرًا ما يتساءل البعض عن الآية الواردة في سفر التثنية "يقيم لك الرب إلهك نبيًا من وسطك مثلي له تسمعون"(تث15:18)، ويفسرونها على أنبياء ظهروا بعد مجيء ربنا يسوع المسيح.
وللإجابة على هذا السؤال يجب أن نعلم أن الله كان يتعامل في بداية الخليقة مع البشر بأسلوب مباشر مُفرِح منها.. لقاءاته مع آدم وحواء وحواراته معهما، وأيضًا قد سار معه أخنوخ، وتكلم معه إبراهيم وصار صديقًا لله.
ولكن بعد أن ازدادت الخطية جدًا، صار الإنسان لا يحتمل بهاء ومجد الله، فاضطر الله أن يكلم عبيده من خلال نبي.. وقد كان موسى النبي الذي طلب منه الشعب قائلين "تكلم أنت معنا فنسمع ولا يتكلم معنا الله لئلا نموت" من كثرة ما رأوا من البروق والرعود والدخان، واستحسن الرب هذا الطلب "قال لي الرب قد أحسنوا فيما تكلموا" (تث17:18).
ويأتي هذا الحوار أصلاً في سياق كلام الله مع موسى من أجل ترتيب أمور كثيرة وأوامر ونواهي كان يعلُّمها الله لموسى ليخبر بها شعبه، ومنها نفهم أن الله كان يُسِن قانونًا أو نظامًا للتعامل بينه وبين شعبه، ألا وهو وجود وسيط بينهما، وكان الشرط العام لأي نبي يأتي بعد موسى هو أن النبي الذي يطغى فيتكلم كلامًا لم يوصِه به الرب أن يتكلم به، أو تكلم باسم آلهة أخرى، أن هذا النبي يموت -يُعتَبَر نبي كاذب- وأن الشعب مُلزَم بطاعة الأنبياء الذين يرسلهم الله، ومن هذا نفهم أن الله كان ينظم علاقته بهم.. وتنطبق هذه الشروط على كل الأنبياء الذين أتوا بعد موسى، ولكنها تُفسَر روحيًا على شخص المسيح المُخلِّص... فكيف؟!
1- المسيح جاء في صورة البشر من أجل عدم قدرة الناس على احتمال بهاء الله ومجده.. وهذا من فرط محبة الله، وإن كان في بعض الأوقات سمح بظهور مجده كما في التجلي، أو في غفران خطايا المفلوج والمرأة الخاطئة، أو بعض المكاشفات التي كان يسمح بها لخاصته.
2- المسيح هو الشفيع الكفاري عن شعبه أمام الآب كما كان موسى شفيعًا توسليًا أمام الله.
3- موسى قاد الشعب للتحرر من عبودية فرعون، والمسيح له المجد يقودنا في موكب نصرته للحرية من يد الشيطان.
4- موسى رفع يديه في حرب عماليق وانتصر شعبه، والمسيح له المجد رفع يديه على الصليب وانتصرنا به في حرب الشيطان.
5- لُقِب المسيح بلقب النبي "قالت الجموع هوذا هو النبي الذي من ناصرة الجليل"(مت11:11)، "هذا هو بالحقيقة النبي الآتي إلى العالم" (يو14:6).
نعود أيضًا فنقول أن شرط هذا النبي المتكرر من بين موسى حتى مجيء المسيح هو أن يكون من وسطك من اخوتك أي يهوديًا من بني إسرائيل.
إذن هذه الآية واضح جدًا أنها لا تخُصّ من قريب أو بعيد نبيًا آخر يخرج من شعب آخر يأتي بعد مجيء الرب يسوع المسيح.


القمص مرقس جبرة